صدر حكم قضائي نهائي يقضي بـ حبس مدحت بركات، رئيس حزب أبناء مصر، لمدة ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ، بعد إدانته بالاستيلاء على 150 فدانًا من أراضي الدولة في مدينة سفنكس الجديدة. وتضمن الحكم أيضًا تغريمه 100 ألف جنيه، مع إلزامه برد الأراضي المستولى عليها، وسداد مقابل استغلالها خلال فترة حيازته غير القانونية. وتبين من تحقيقات النيابة العامة أن بركات استخدم عقودًا مزوّرة لإثبات ملكيته المزعومة للأراضي، بل وشرع في إطلاق مشروع كمبوند سكني فاخر للترويج له أمام المستثمرين دون سند قانوني. أثار هذا الحكم جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والقانونية، خاصة أنه يمس شخصية عامة ورئيس حزب سياسي معروف. وتتجدد التساؤلات حول كيفية استخدام النفوذ السياسي في قضايا تتعلق بالمال العام وحقوق الدولة العقارية. المقال التالي يستعرض تفاصيل القضية، مراحل التحقيق، حيثيات الحكم، وتداعياته السياسية والقانونية.
تفاصيل الحكم الصادر بحق مدحت بركات
أصدرت محكمة جنح الشيخ زايد حكمًا نهائيًا يقضي بحبس مدحت حسين أحمد، المعروف إعلاميًا باسم مدحت بركات، لمدة ثلاث سنوات مع الشغل، مع إلزامه برد 150 فدانًا من الأراضي التي استولى عليها دون وجه حق. وتضمّن الحكم تغريمه 100 ألف جنيه، وسداد مقابل استغلال الأرض طوال فترة التعدي عليها. المحكمة أوردت في حيثياتها أن المدان استغل أوراقًا مزورة كوسيلة لإثبات ملكيته المزعومة، وارتكب جريمة التزوير في محررات رسمية. وقد جاء الحكم بناءً على تحقيقات النيابة وتقارير الجهات الفنية المختصة التي أثبتت أن بركات لا يمتلك أي مستند رسمي يثبت ملكيته. كما أكدت المحكمة أن العقوبة جاءت لتكون رادعة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على أراضي الدولة.
ما هي الأشهر الحرم؟ ولماذا سميت بهذا الاسم؟
دعم الشركة المتحدة للصناعة الوطنية والقطاعات الإنتاجية
المخالفات المرورية التي تؤدي لسحب الرخصة 3 أشهر
أصل النزاع على الأرض بمدينة سفنكس الجديدة
تعود القضية إلى نزاع قانوني بين الدولة ومدحت بركات، حيث زعم الأخير ملكيته لقطعة أرض مساحتها 150 فدانًا في مدينة سفنكس الجديدة، إحدى المدن الحديثة التي توليها الحكومة اهتمامًا استثماريًا وعمرانيًا خاصًا. ووفقًا لما كشفت عنه التحقيقات، فقد قام بركات بوضع لافتات ضخمة في محيط الأرض، أعلن من خلالها عن مشروع كمبوند فاخر يحمل اسمًا تسويقيًا جذابًا، مستهدفًا جذب مستثمرين لشراء وحدات داخل المشروع الوهمي. غير أن الهيئة العامة لتخطيط المدن نفت وجود أي تراخيص صادرة لهذا المشروع، وأكدت أن الأرض تابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. وقد تم رفع دعوى قضائية بعد ورود بلاغات عدة من مواطنين تعرضوا لخداع عقاري واستثماري، ما دفع السلطات للتحقيق بشكل أوسع.
استخدام العقود المزورة وأسلوب التحايل
أهم ما استند إليه الحكم في حبس مدحت بركات كان استخدامه لعقود غير قانونية ومحررات مزورة. وقد ثبت خلال التحقيقات أن العقود التي زعم من خلالها ملكيته للأراضي لا تحمل أي توثيق رسمي من الشهر العقاري أو الجهات الحكومية المعنية. واعتمدت المحكمة على تقارير الطب الشرعي والخبراء الفنيين الذين أكدوا أن الأختام والتواقيع الواردة بالعقود مزوّرة. لم يكتف بركات باستخدام هذه العقود فقط، بل لجأ إلى أسلوب التضليل عبر حملات دعائية ومقابلات إعلامية روج فيها لمشروعه، مؤكدًا ملكيته للأرض. واعتبرت النيابة أن هذا السلوك يندرج تحت جرائم النصب والتزوير والاستيلاء على المال العام، ما استوجب توقيع العقوبة المشددة عليه وفقًا لقانون العقوبات.
ردود الفعل السياسية على حبس مدحت بركات
أثار الحكم ردود فعل متباينة في الوسط السياسي، خاصة أن بركات يشغل منصب رئيس حزب سياسي معتمد وهو حزب “أبناء مصر”. وقد تساءل بعض المراقبين عن مدى قانونية استمرار رئاسته للحزب بعد صدور حكم نهائي ضده، في حين طالب آخرون بعزله من منصبه فورًا. كما انتقدت بعض القوى السياسية استخدام بعض القيادات الحزبية نفوذها في تنفيذ مشروعات مشبوهة أو مخالفة للقانون، ما يضعف من صورة الأحزاب في نظر المواطن. وفي المقابل، أعربت أحزاب أخرى عن احترامها لأحكام القضاء، مؤكدة أن القانون يطبق على الجميع دون تمييز. ويبدو أن هذا الحكم سيخلق حالة من الجدل حول دور الأحزاب في الرقابة الذاتية على قياداتها ومراجعة السلوك المالي والقانوني لأعضائها.
أثر القضية على ضحايا المشروع الوهمي
تسببت القضية في صدمة كبيرة لعشرات المواطنين والمستثمرين الذين انخدعوا بالحملة التسويقية الضخمة التي أطلقها مدحت بركات لمشروعه السكني المزعوم. فقد دفع عدد من المستثمرين مبالغ مالية مقابل “حجز وحدات” داخل الكمبوند، بناءً على عقود ابتدائية واتفاقيات غير موثقة. ومع انكشاف الحقيقة وتدخل النيابة، وجد هؤلاء أنفسهم أمام خسائر مالية فادحة وصراع قانوني لاسترداد حقوقهم. وقد بدأت النيابة بالفعل التحقيق في شكاوى مقدمة من الضحايا، في محاولة لإلزام المتهم برد المبالغ المالية التي تم جمعها بغير وجه حق. هذه الواقعة تؤكد أهمية التحقق القانوني قبل الدخول في أي استثمار عقاري أو شراء وحدات في مشروعات غير مسجلة رسميًا لدى الجهات الحكومية.
دروس مستفادة من قضية مدحت بركات
قضية حبس مدحت بركات تمثل إنذارًا قويًا ضد محاولات الاستيلاء على أراضي الدولة أو خداع المواطنين باسم الاستثمار العقاري. كما تعكس أهمية تطبيق القانون على الجميع دون النظر إلى المكانة الاجتماعية أو السياسية. ومن أبرز الدروس المستفادة ضرورة أن تكون للمواطن ثقافة قانونية قوية تجعله يتحقق من مستندات أي مشروع قبل التورط فيه. كذلك ينبغي على الأجهزة الحكومية تشديد الرقابة على الدعاية العقارية والتأكد من تراخيص أي مشروع قبل الإعلان عنه. ويظهر من هذا الحكم أن الدولة جادة في التصدي لمثل هذه القضايا التي تهدد أمن المجتمع العقاري والاستثماري، وتضر بسمعة البلاد داخليًا وخارجيًا.