كيف يُحاكم الأطفال في القانون المصري بعد واقعة ميدو

كيف يُحاكم الأطفال في القانون المصري بعد واقعة ميدو

أثارت محاكمة الأطفال في القانون المصري جدلًا واسعًا بعد واقعة نجل اللاعب أحمد حسام “ميدو”، الذي أُخلي سبيله عقب ضبطه أثناء قيادة سيارة بدون رخصة أعلى الدائري. وتضمنت القضية أيضًا فتاة قاصر، ما فتح النقاش حول آليات التعامل القانوني مع الأحداث في مصر. وفي هذا السياق، توضح المواد القانونية المعمول بها كيفية التعامل مع الأطفال دون سن الخامسة عشرة في حال ارتكابهم جرائم، بدءًا من الحبس الاحتياطي ووصولًا إلى تدابير بديلة كالتسليم لولي الأمر أو الإيداع في دور ملاحظة. كما يحدد القانون شكل محاكم الأحداث، وإجراءات محاكمة الطفل، والفصل في الجرائم المرتكبة، إضافة إلى العقوبات على المحرضين أو من يتسبب في تعريض الطفل للخطر. في هذا التقرير، نستعرض أبرز ما جاء في القانون المصري بشأن محاكمة الأطفال، وفقًا لما أوردته نصوص القوانين المنظمة لقضايا الأحداث، من أجل توعية المجتمع بحقوق الطفل وضمان تطبيق القانون بشكل عادل ومتوازن.

متى يتم منع الحبس الاحتياطي للأطفال؟

تنص المادة 119 من قانون الطفل المصري على أنه لا يجوز حبس الطفل احتياطيًا إذا لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وهو ما يعني أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن هذا السن لا يُحبسون في أقسام الشرطة أو السجون. بدلاً من ذلك، يجوز للنيابة العامة إيداع الطفل إحدى دور الملاحظة لفترة لا تتجاوز أسبوعًا، مع إمكانية تمديدها بقرار من المحكمة إن اقتضت ظروف القضية. كما يمكن تسليمه إلى أحد والديه أو الوصي عليه مع الالتزام بتقديمه عند كل طلب من جهات التحقيق، وفي حال الإخلال بهذا الالتزام، يُعاقب الولي بغرامة لا تتجاوز 100 جنيه. يُعد هذا النص القانوني ضمانة هامة لحماية حقوق الطفل ومنع اختلاطه بالبالغين في المؤسسات العقابية.

قد يعجبك ايضا

ما دور محاكم الأحداث في قضايا القُصَّر؟

وفقًا للمادة 120 من قانون الطفل، يتم إنشاء محاكم للأحداث في كل محافظة، مع إمكانية إنشاء محاكم إضافية بقرار من وزير العدل. وتتشكل محكمة الأحداث من ثلاثة قضاة، ويعاونها خبيران اجتماعيان على الأقل أحدهما من النساء، وتُعتبر مشاركتهما في المحاكمة إلزامية. يقوم الخبيران بتقديم تقرير مفصل عن ظروف الطفل من جميع النواحي قبل إصدار الحكم. وتهدف هذه المحاكم إلى التعامل مع الأطفال المتهمين بجرائم أو المعرضين للانحراف بطريقة إصلاحية وتربوية، وليس بعقوبات قاسية. وتُستأنف أحكام محاكم الأحداث أمام محكمة استئنافية تتبع تشكيلًا خاصًا أيضًا، لضمان مراعاة طبيعة المتهمين وظروفهم النفسية والاجتماعية.

 ما العقوبات البديلة للأطفال في القضايا الجنائية؟

حدد القانون المصري مجموعة من التدابير البديلة لمحاكمة الأطفال بدلاً من العقوبات الجنائية المعتادة. وتشمل هذه التدابير:

  • التوبيخ أمام المحكمة.

  • تسليم الطفل لولي الأمر.

  • الإلحاق بالتدريب والتأهيل المهني.

  • الإلزام بواجبات معينة يحددها القاضي.

  • الاختبار القضائي لفترة محددة.

  • العمل للمنفعة العامة دون الإضرار بصحة الطفل أو نفسيته.

  • الإيداع في مستشفى متخصص أو مؤسسة رعاية اجتماعية.

ولا يجوز الحكم على الطفل بأي عقوبة سالبة للحرية مثل السجن أو الحبس، عدا ما تقرره المحكمة بناءً على تجاوزه سن الخامسة عشرة وارتكابه جنحة تستوجب الحبس. يوضح هذا الإطار القانوني حرص الدولة على الإصلاح والتقويم بدلاً من العقاب في حالات الأحداث.

كيف يعاقب المحرض على الجريمة إذا كان الطفل هو الجاني؟

تناولت المادة 116 من القانون حالات تحريض الطفل على ارتكاب جريمة، حيث يُعاقب كل بالغ حرّض طفلًا على ارتكاب جنحة أو ساعده بأي وسيلة، حتى وإن لم تتحقق نتيجة التحريض. وتصل العقوبة إلى الحبس إذا استخدم الجاني وسائل إكراه، أو كان من أصول الطفل أو مسؤولًا عن رعايته أو تربيته. وفي حال ارتكاب نفس الجريمة ضد أكثر من طفل، ترتفع العقوبة إلى الحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سبع سنوات. ويؤكد هذا النص على مسؤولية البالغين في حماية الأطفال من الانخراط في السلوكيات الإجرامية، وعدم استغلالهم بأي شكل.

 مسؤولية الأهل في حال تعرض الطفل للخطر أو ارتكابه لجريمة

ينص القانون على أن إهمال الأهل في مراقبة أطفالهم يعرضهم للمساءلة القانونية، خاصة إذا أدى هذا الإهمال إلى ارتكاب الطفل جريمة أو تعريضه للخطر. فوفقًا للمادتين 113 و114، يعاقب بغرامة من أهمل مراقبة الطفل رغم إنذاره، وقد تتراوح العقوبة بين الغرامة والحبس إذا ثبت وجود إخلال جسيم بالواجبات التربوية. ويتضح من هذه النصوص القانونية أن الدولة لا تكتفي بمحاسبة الطفل فقط، بل تمتد المسؤولية إلى أولياء الأمور، ما يعزز من الدور المجتمعي في ضبط سلوك الأطفال ومنع انحرافهم.

 هل يمكن محاكمة الطفل الذي تجاوز 15 عامًا بالعقوبات التقليدية؟

عندما يبلغ الطفل سن الخامسة عشرة ويُرتكب جنحة معاقب عليها بالحبس، يجوز للمحكمة أن تطبق عليه العقوبة الجنائية، أو أن تستبدلها بتدبير تربوي من التدابير المنصوص عليها في المادة 101. وإذا ارتكب الطفل أكثر من جريمة قبل صدور الحكم في الأولى، تتعامل المحكمة مع ذلك كحالة واحدة وتصدر حكمًا بتدبير مناسب. أما إذا ارتكب الطفل الجريمة بعد الحكم، فيجوز إعادة النظر في التدبير الصادر. وتعكس هذه المواد حرص المشرّع المصري على التدرج في العقوبات بما يتناسب مع عمر الطفل ومدى خطورة الجريمة.

هل كان المحتوى مفيداً؟

شكرا لك
Rabab
Rabab