تُعد أخميم مدينة النسيج والفن في قلب محافظة سوهاج، واحدة من أقدم المدن المصرية التي ما زالت تنسج خيوط الإبداع منذ آلاف السنين. على أنوالها تُحاك القصص، لا لتصنع أقمشة فحسب، بل لتجسد تاريخًا من المهارة والحرفة التي شكلت هوية المصري الأصيل. تجمع أخميم بين الأصالة والتجديد، إذ لا تزال تحافظ على مكانتها كرمز للفن اليدوي المتقن، لتصبح شاهدًا حيًا على عبقرية الإنسان المصري عبر العصور. من نول في بيت فرعوني إلى قرية النساجين الحديثة، ظلت المدينة عنوانًا للجمال والصبر والإتقان. هنا، بين الخيوط والزخارف، تتحدث الحرفة بلسان الفن والتراث، لتؤكد أن الإبداع المصري لا يندثر بل يتجدد مع كل جيل، ويحمل للعالم رسالة مفادها أن أخميم ليست مجرد مدينة، بل تاريخ منسوج على قماش الزمن.
من خيال الحرفي تبدأ الحكاية
من داخل بيوت أخميم القديمة بدأت الحكاية، حيث كان لكل بيت نول، ولكل نسّاج بصمة فنية خاصة. اعتمدت صناعة النسيج على الكتان والصوف والحرير الطبيعي، وجمعت بين الدقة والإبداع. كانت النساء تشارك بنسبة 80٪ من مراحل العمل المساعدة، بينما الرجال يعملون على الأنوال بخبرة متوارثة. هذه الصناعة لم تكن مجرد حرفة، بل أسلوب حياة يعبر عن ارتباط الإنسان بالأرض والهوية المصرية. ما يميز نسيج أخميم أنه يحمل نقوشًا وزخارف مستوحاة من التراث، لتصبح كل قطعة قماش لوحة فنية تحكي قصة عائلة، ومدينة، ووطن بأكمله.
توقعات درجات الحرارة من 23 إلى 28 نوفمبر 2024: استقرار نسبي مع انخفاض ملحوظ
سعر الدولار اليوم الأحد 11 فبراير
الاستعلام عن زيارة عائلية 2023 برقم الجواز وشروط الحصول عليها
من الفراعنة إلى محمد علي.. تاريخ منسوج بالخيوط
بدأت شهرة نسيج أخميم في العصور الفرعونية، حين كانت منسوجاتها تُزين القصور والمعابد. واستمرت الحرفة مزدهرة عبر العصور اليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، وصولًا إلى عصر محمد علي الذي دعم الصناعات الوطنية. كانت هذه المنسوجات توثّق مراحل التاريخ، إذ حملت الأقمشة رموزًا وزخارف تعكس روح كل حقبة. لذلك أصبحت من أهم الوثائق الفنية التي تروي قصة مصر عبر الألوان والخيوط. ومع تطور الأزمنة، ظلت أخميم محافظة على أصالتها، لتبقى رمزًا للفن المصري المتجدد الذي يجمع بين الماضي والحاضر.
أخميم.. مانشستر ما قبل التاريخ
أطلق المؤرخون على أخميم لقب “مانشستر ما قبل التاريخ” لما تمتعت به من ريادة في صناعة النسيج. ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت أن نساء أخميم كنّ يقمن بالأعمال المنزلية بينما الرجال ينسجون الأقمشة الراقية التي كانت تُصدّر إلى روما. اشتهر نسيجها الأحمر القرمزي الذي لا يرتديه سوى الملوك والأباطرة، مما جعلها مركزًا عالميًا للإنتاج الراقي. هذا اللقب لم يأتِ من فراغ، بل لأنه يعكس عبقرية المصري القديم في تحويل الخيوط إلى ثروة فنية واقتصادية. وهكذا أصبحت أخميم نموذجًا فريدًا يجمع بين التراث والصناعة والجمال الخالد.
قرية النساجين.. التراث يتحول إلى حياة
للحفاظ على إرث أخميم العظيم، أنشأت محافظة سوهاج قرية النساجين بحي الكوثر، كمركز متكامل لإحياء التراث. تضم القرية 150 وحدة نسيج يدوي لإنتاج المفروشات والكوفرات والمنسوجات القطنية والحريرية. تحولت القرية إلى مزار سياحي فريد، يأتي إليها الزوار من داخل وخارج مصر لمشاهدة الحرفيين أثناء عملهم وشراء منتجات تحمل توقيع التاريخ. هذا المشروع أعاد الحياة إلى الصناعة التقليدية وفتح فرص عمل للشباب، ليبقى النسيج الأخميمي رمزًا للفخر والانتماء، ونافذة تربط الماضي بالحاضر في مشهد يعبق بأصالة الفن المصري.
نسيج من فخر وانتماء
ما زالت أخميم تحتفظ بمكانتها كرمز للإبداع المصري الأصيل، فكل خيط يُنسج فيها يروي قصة فخر وانتماء. من بين أنوالها وعرق حرفييها تتجدد روح الفن والهوية. ورغم التحديات الحديثة، فإن المدينة ما زالت تنسج بإصرار وإتقان لتظل منارة للحرف اليدوية في مصر. منتجاتها اليوم تزيّن البيوت وتُعرض في المعارض المحلية والعالمية كرمز للجودة والجمال. إن قصة أخميم ليست مجرد تاريخ صناعة، بل حكاية وطن يُبدع بيديه ويؤمن بأن الفن هو لغة البقاء.
الأسئلة الشائعة
س: أين تقع مدينة أخميم؟
ج: تقع مدينة أخميم شرق محافظة سوهاج بصعيد مصر على ضفاف نهر النيل.
س: ما الذي تشتهر به أخميم؟
ج: تشتهر بصناعة النسيج اليدوي منذ العصور الفرعونية وحتى اليوم.
س: ما أبرز منتجات قرية النساجين؟
ج: المفروشات والكوفرات والمنسوجات القطنية والحريرية عالية الجودة.
س: لماذا سُميت أخميم مانشستر ما قبل التاريخ؟
ج: لأنها كانت مركزًا عالميًا لصناعة النسيج في العصور القديمة.
س: كيف تحافظ أخميم على تراثها؟
ج: عبر قرية النساجين وبرامج دعم الحرفيين للحفاظ على الصناعة اليدوية الأصيلة.