هل يجوز قصر الصلاة في السفر للنزهة؟ إليك الحكم الشرعي

هل يجوز قصر الصلاة في السفر للنزهة؟ إليك الحكم الشرعي

يتساءل العديد من المسلمين عن حكم قصر الصلاة في السفر للنزهة أو الترفيه، وهل تُمنح الرخصة الشرعية للمسافر في غير الحالات الضرورية أو المرتبطة بالعمل. ويزداد هذا السؤال تكرارًا في مواسم الإجازات والعطلات الصيفية، حيث يسافر الناس إلى الشواطئ أو المناطق السياحية لقضاء وقت من الراحة والاستجمام. ومن هذا المنطلق، أوضح عدد من علماء الأزهر ودار الإفتاء المصرية أن القصر في هذه الحالة جائز شرعًا ما دامت المسافة تندرج تحت مسافة القصر المقررة شرعًا، وهي ما يقارب 80 كيلومترًا تقريبًا.
كما أكدوا أن نية السفر لأي غرض مباح – كالنزهة أو الزيارة أو الترفيه – لا تسقط عن المسافر رخصة القصر في الصلاة، بشرط ألا ينوي الإقامة أربعة أيام أو أكثر في مكان سفره. في هذا المقال، نوضح لكم كل ما يتعلق بحكم القصر أثناء السفر للنزهة، وفقًا للمذاهب الفقهية وآراء العلماء.

 ما هو القصر في الصلاة وما حكمه الشرعي؟

القصر في الصلاة هو أن يؤدي المسافر الصلاة الرباعية ركعتين فقط، أي قصر صلوات الظهر والعصر والعشاء، مع بقاء صلاتي الفجر والمغرب على حالهما. القصر من الرخص التي شرعها الله تعالى تيسيرًا على العباد أثناء السفر، وهو سنة مؤكدة، وقد فعله النبي ﷺ في كل أسفاره، ولم يُثبت عنه أنه أتم الصلاة في السفر.
وقد استدل العلماء على مشروعية القصر بقول الله تعالى:

قد يعجبك ايضا

“وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة” [النساء: 101]
ومن ثم، فإن القصر ليس مقصورًا على نوع معين من السفر، بل يشمل كل سفر تنطبق عليه شروط القصر، ما دام الغرض منه مباحًا.

ما هي مسافة القصر المقررة شرعًا؟

حدد الفقهاء مسافة القصر بأنها المسافة التي إذا قطعها المسافر كان له أن يترخص برخص السفر، ومنها القصر. واختلفت المذاهب في تقديرها، لكن المعتمد عند جمهور العلماء أنها تُقدّر بحوالي 80 كيلومترًا، أي ما يُعادل مسيرة يومين بوسائل السير القديمة.
وبناءً على ذلك، فإن أي شخص يسافر من مدينته لمسافة تزيد عن هذه المسافة، سواء بسيارة أو قطار أو طائرة، يحق له أن يقصر الصلاة أثناء رحلته.
ويجب التنويه إلى أن تقدير المسافة لا يرتبط بالزمن الذي تستغرقه الرحلة بوسائل النقل الحديثة، بل بالمسافة الفعلية، حتى لو تم قطعها في وقت قصير.

 هل يجوز القصر في السفر للنزهة أو الترفيه؟

أكد العلماء المعاصرون، ومنهم علماء دار الإفتاء، أن السفر للنزهة أو الترفيه لا يمنع من القصر، لأن العبرة في جواز القصر ليست بسبب السفر، بل بتحقق شرط المسافة ونية الإقامة.
بالتالي، من سافر إلى مدينة ساحلية أو منطقة سياحية بنية قضاء يوم أو يومين، وله أن يقصر الصلاة طوال فترة السفر، سواء كان الغرض من السفر زيارة، علاج، عمل أو نزهة.
وقد نص جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة على أن المسافر لأي غرض مباح، له أن يترخص برخص السفر، ما لم تكن غايته معصية.
أما من سافر لمجرد ارتكاب معصية، فقد وقع خلاف بين الفقهاء، فمنهم من منعه من الترخص، ومنهم من أجاز له القصر على كل حال، لأن الرخصة تتعلق بالسفر ذاته لا بنيته.

ما مدة الإقامة التي يجوز فيها القصر؟

من الشروط الأساسية لجواز القصر أثناء السفر، ألا ينوي المسافر الإقامة لمدة أربعة أيام فأكثر في المكان الذي توجه إليه.

  • فإذا نوى الإقامة أقل من أربعة أيام، جاز له القصر طوال مدة الإقامة.

  • أما إذا نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر (عدا يومي الدخول والخروج)، فعليه أن يتم الصلاة منذ اليوم الأول.
    وقد استندت دار الإفتاء المصرية إلى مذهبي الشافعية والحنابلة في هذه المسألة، وهما من المذاهب المعتمدة لدى الدار.
    وبذلك، فالمسافر للمصيف أو لرحلة ترفيهية لمدة يوم أو يومين، يحق له أن يقصر صلواته الرباعية طوال فترة السفر، سواء في الذهاب أو العودة.

 كيف يؤدي المسافر الصلاة في سفره؟

إذا توفرت شروط السفر، جاز للمسافر أن يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين فقط، وهي صلوات الظهر والعصر والعشاء، مع بقاء صلاتي الفجر والمغرب كما هما.

  • يجوز له أداء الصلاة جماعة أو منفردًا.

  • يمكنه الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء، سواء جمع تقديم أو تأخير، إن احتاج لذلك.

  • إذا صلى المسافر خلف إمام مقيم، فعليه أن يتم الصلاة ولا يقصر.

  • إذا نسي المسافر أنه في حكم السفر، ثم تذكر أثناء الصلاة، يجوز له القصر إذا لم يُتم الركعتين الأخيرتين.
    وهذه الرخصة تُعد من رحمة الله بعباده، وتيسيرًا عليهم في تنقلاتهم وأعباء السفر، مهما كان سبب السفر.

هل القصر مرتبط بالضرورة أو المشقة فقط؟

يعتقد البعض خطأً أن القصر في الصلاة مرتبط فقط بـالسفر الضروري أو المصحوب بمشقة، كالسفر للعلاج أو للعمل أو للضرورة.
إلا أن هذا الاعتقاد غير دقيق، لأن الشريعة لم تشترط نوعًا معينًا من السفر، بل اشترطت تحقق المسافة وعدم نية الإقامة الطويلة.
فلو سافر الشخص بغرض الترفيه أو زيارة الأقارب أو حتى للاستجمام، وكان سفره ضمن مسافة القصر، فله أن يقصر الصلاة.
وقد جاء في سيرة النبي ﷺ أنه قصر الصلاة في أسفاره، سواء كانت للغزو أو للعمرة أو الحج أو غيرها، ولم يكن يشترط سببًا معينًا.
وبذلك، يكون من حق المسلم الاستفادة من هذه الرخصة الشرعية في كل سفر تنطبق عليه الشروط، تسهيلًا وتخفيفًا من الله عز وجل.

ختامًا…إن قصر الصلاة في السفر للنزهة جائز شرعًا باتفاق جمهور الفقهاء، ما دام السفر يبلغ مسافة القصر، ولم ينوي المسافر الإقامة أكثر من أربعة أيام. وهذه الرخصة تمثل يسر الشريعة الإسلامية، ومرونتها في التعامل مع مختلف ظروف المسلم. فالمسافر لأي غرض مباح له أن يتمتع برخص السفر، سواء في قصر الصلاة أو الجمع بين الصلوات، دون أن يُحمّل نفسه مشقة لا يطلبها الدين.
لذا يُنصح المسلم بالرجوع إلى العلماء أو المصادر الموثوقة لمعرفة أحكام سفره، خاصةً في مواسم العطلات، حتى يؤدي عباداته على الوجه الصحيح دون تفريط أو تشدد.

هل كان المحتوى مفيداً؟

شكرا لك
Rabab
Rabab