القاهرة الخديوية تستعيد بريقها بترميم 500 عقار أثري

القاهرة الخديوية تستعيد بريقها بترميم 500 عقار أثري

في إطار جهود الدولة المصرية للحفاظ على التراث العمراني والمعماري، القاهرة الخديوية تستعيد بريقها من جديد بعد انطلاق المرحلة الثالثة من خطة تطوير منطقة وسط البلد. تضم المنطقة أكثر من 500 عقارًا ذو طراز معمارى فريد يعود لأكثر من 150 عامًا، ما يجعلها واحدة من أندر المناطق التراثية في الشرق الأوسط. وقد شملت خطة التطوير الحالية ترميم واجهات العقارات، توحيد ألوان المحال التجارية، وإزالة جميع التعديات والبروز التي أفسدت المشهد البصري سابقًا. وتهدف محافظة القاهرة من هذا المشروع إلى تحويل وسط العاصمة إلى متحف مفتوح يعكس جماليات العصر الخديوي، ويعيد القاهرة إلى مكانتها كعاصمة للتاريخ والفن والحضارة. هذه المرحلة من التطوير تمت بجهود ذاتية بالتعاون مع اتحاد البنوك وسكان المنطقة، تحت إشراف كامل من المحافظة. في هذا التقرير، نرصد تفاصيل مشروع الترميم، ومراحله المختلفة، وأثره على السياحة والاستثمار الحضري.

المرحلة الثالثة من تطوير القاهرة الخديوية تبدأ رسميًا

ضمن خطة ترميم كبرى، أعلنت محافظة القاهرة عن بدء المرحلة الثالثة من تطوير القاهرة الخديوية، والتي تمتد من ميدان التحرير إلى ميدان طلعت حرب. تأتي هذه المرحلة استكمالًا لما تم إنجازه في سابقتها من تحسين واجهات العقارات وتوحيد ألوان المحال. ما يميز هذه المرحلة هو تنفيذها بالكامل بجهود ذاتية من سكان العقارات والمحال، وبمشاركة اتحاد البنوك، مما يعكس تفاعلًا مجتمعيًا غير مسبوق في مشاريع الحفاظ على التراث. وأكد المحافظ د. إبراهيم صابر أن الهدف هو الحفاظ على الطابع المعماري وتوظيف المنطقة سياحيًا وثقافيًا، لتعود القاهرة الخديوية كما كانت رمزًا للفن والذوق الأوروبي في قلب الشرق.

قد يعجبك ايضا

ميدان التحرير.. بداية خطة الترميم وتحول جذري في الشكل

بدأت عمليات الترميم في ميدان التحرير، حيث شهد الميدان تغييرات جذرية أعادت له رونقه التاريخي، أبرزها تثبيت مسلة فرعونية ضخمة محاطة بأربعة كباش أثرية، وإنشاء نافورة مركزية أعادت التوازن البصري للميدان. كما شملت عمليات الترميم إزالة العشوائيات والتعديات، وتحديث البنية التحتية للمنطقة بما يتماشى مع قيمتها التاريخية. ويُعتبر ميدان التحرير نقطة الانطلاق الحقيقية لتحويل القاهرة الخديوية إلى متحف مفتوح، حيث تم تصميم المشروع بالتعاون مع جهاز التنسيق الحضاري، بالاعتماد على الصور التاريخية للمنطقة لاستعادة شكلها الأصلي.

ترميم واجهات العقارات يبرز جمال الطراز الأوروبي الكلاسيكي

إحدى أبرز إنجازات المشروع أن واجهات العقارات في وسط البلد أعيدت إلى طابعها الأصلي الذي يدمج بين الطرازين الأوروبي والشرقي، باستخدام ألوان تحاكي الحقبة الخديوية. وتم إزالة كل البروز والإعلانات العشوائية التي شوّهت المباني على مدى عقود. ويشمل الترميم إعادة تشكيل شرفات العقارات وزخارفها المعمارية باستخدام مواد تراثية. وقد لاحظ الزائرون الفرق الكبير في شوارع مثل قصر النيل، وطلعت حرب، حيث أصبحت المباني تحفًا فنية تمشي بينها. ويسهم هذا التطوير في جذب السياحة الثقافية والفنية، خصوصًا مع زيادة عدد الزوار المهتمين بالمعمار التاريخي.

محافظة القاهرة: مشروع يعبّر عن رؤية متكاملة لمدينة مستدامة

أكد محافظ القاهرة أن خطة ترميم القاهرة الخديوية جزء من رؤية شاملة لتحويل القاهرة إلى مدينة “حديثة قديمة مستدامة”، تجمع بين التطور العصري والحفاظ على التراث. وتهدف هذه الرؤية إلى استثمار المناطق الأثرية في العاصمة سياحيًا وثقافيًا، مثلما حدث في منطقتي القلعة والحسين. وتمثل القاهرة الخديوية جوهرة هذه الرؤية، لاحتوائها على أكبر تجمع معماري كلاسيكي في المنطقة. وتشمل الخطة تطوير البنية التحتية، وتسهيل حركة المرور، وتحسين خدمات النظافة والإنارة، بما يجعل المنطقة جاذبة للاستثمار والسياحة على حد سواء.

وسط البلد تتحول إلى متحف مفتوح للزوار والسياح

بفضل هذه الجهود، أصبحت منطقة وسط البلد متحفًا مفتوحًا، بعد ترميم مئات العقارات وتوحيد واجهات المحال، وإزالة البروز والتعديات على الأرصفة. وقد ظهرت الشوارع الرئيسية مثل شارع طلعت حرب، وقصر النيل، وميدان الأوبرا، بحلّة جديدة تُعيد للمنطقة هيبتها التاريخية. وتسعى محافظة القاهرة إلى استكمال هذا المشروع ليشمل كل مناطق القاهرة الخديوية، مع إطلاق حملات دعائية عالمية لترويج المنطقة كمزار سياحي عالمي. وتخطط المحافظة أيضًا لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية دورية في الشوارع التي تم ترميمها، لتحويلها إلى منصات مفتوحة للفنون والتراث.

دعم مجتمعي واسع ونجاح بمشاركة السكان والبنوك

الجدير بالذكر أن نجاح ترميم القاهرة الخديوية يعود إلى دعم مجتمعي واسع، حيث شارك السكان وأصحاب المحال التجارية في أعمال الترميم بجهودهم الذاتية. كما لعب اتحاد البنوك دورًا محوريًا في تمويل بعض مراحل المشروع، في إطار مسؤوليتهم المجتمعية. وتمكنت المحافظة من التنسيق بين الجهات المختلفة، بما في ذلك أجهزة الأمن والمرافق، لضمان تنفيذ الأعمال بأعلى جودة وفي توقيتات دقيقة. هذا التعاون بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص يُعد نموذجًا يُحتذى به في مشروعات الحفاظ على التراث في المدن الكبرى.

هل كان المحتوى مفيداً؟

شكرا لك
Rabab
Rabab