أول دليل على التحنيط في أوروبا يكشف أسراره

أول دليل على التحنيط في أوروبا يكشف أسراره

اكتشف علماء الآثار من الأكاديمية النمساوية للعلوم (ÖAW) أول دليل على التحنيط في أوروبا، حيث عُثر على بقايا سبعة بالغين وخمسة أطفال من عائلة كومتون، مَحنّطين بدقة في سرداب Château des Milandes في فرنسا، مع بقايا امرأة مدفونة بشكل منفصل. يُظهر هذا الاكتشاف التاريخي أن تقنيات التحنيط كانت مستخدمة بين الطبقات الأرستقراطية الأوروبية في القرنَين السادس عشر والسابع عشر، مما يقدم رؤى مهمة حول تاريخ التحنيط الأوروبي ويكشف عن ثقافة عميقة متجذرة في العائلات الرفيعة.

أهمية الاكتشاف وأول دليل للتحنيط في أوروبا

اكتشاف بقايا محنطة من أوروبا يُعد من الأمور النادرة التي تكشف عن ثقافة التحنيط في القارة، حيث كان يُعتقد أن هذه الطقوس خاصة بمصر القديمة وأمريكا الجنوبية. وتشير بقايا أفراد عائلة كومتون إلى أن هذه الممارسات وجدت بين الطبقة الأرستقراطية الأوروبية، مما يساهم في إعادة النظر في تاريخ التحنيط.

قد يعجبك ايضا

تكنولوجيا التحنيط المستخدمة في العصور الوسطى

تفحصت كارولين بارتيوت وفريقها بقايا الجثث ووجدوا قطعًا دقيقة تشير إلى عمليات سلخ متكاملة للذراعين والساقين وأطراف الأصابع. وتعد هذه التقنيات قريبة من الأساليب التي وُصفت على يد الجراح الفرنسي بيير ديونيس في عام 1708، مما يؤكد أن فنون التحنيط كانت شائعة إلى حد ما وتستخدم بتقنيات دقيقة ومتقدمة آنذاك.

تقنيات التحنيط ودورها في مراسم الدفن

أظهر التحليل أن الهدف من التحنيط لم يكن الحفاظ على الجثث طويلًا، بل توفير شكل من العرض الفخم للجثث خلال مراسم الجنازات. كان من المعتاد أن تُعرض الجثث بشكل يليق بمكانة العائلة الاجتماعية، مما يدل على التقدير العالي للشخص المتوفى ومكانته.

تقاليد التحنيط داخل عائلة كومتون

يبدو أن التحنيط كان موروثًا داخل عائلة كومتون التي عاشت في Château des Milandes، مما يعكس مستوىً اجتماعيًا متميزًا. فقد تم تطبيق نفس الإجراءات على الأطفال والبالغين من الأسرة، مما يشير إلى أن المكانة كانت تُمنح منذ الولادة، ويتماشى هذا مع ما أكدته الدراسات من معهد ÖAW.

البعد الاجتماعي والديني لممارسات التحنيط في أوروبا

يُعتقد أن التحنيط لم يكن مجرد ممارسة لحفظ الجثث، بل كان له أبعاد اجتماعية ودينية عميقة تعكس تقاليد واعتقادات الطبقة الأرستقراطية في أوروبا. كان هذا الطقس يعبر عن مكانة الأسر النبيلة ويعزز من شأنها في المجتمعات المحيطة بها، حيث كان التحنيط رمزًا للحفاظ على إرث العائلة وكرامتها بعد الموت. من خلال إظهار الجثث المحنطة في مراسم الجنازات، كانت الأسر النبيلة تعبر عن قوة روابطها العائلية، وتمد فترة وجودها الرمزي بعد الموت، في إشارة إلى الاستمرارية والقوة.

اكتشاف Château des Milandes يقدم نظرة شاملة على الثقافة الاجتماعية للمجتمعات الأرستقراطية الأوروبية خلال العصور الوسطى. هذه البقايا المحنطة تسلط الضوء على الاعتقادات السائدة حول الموت والخلود، وكذلك على الممارسات الثقافية التي كانت تستخدم لتعزيز الروابط العائلية والاجتماعية. يُظهر التحنيط أيضًا مدى تأثر هذه المجتمعات بالتقاليد الدينية، حيث يُعتقد أن الحفاظ على الجسد مرتبط برغبة في الحفاظ على “روح” الميت، مما يربط بين التحنيط وأبعاد روحية ودينية كانت ذات أهمية كبيرة في تلك الفترة.

هل كان المحتوى مفيداً؟

شكرا لك
Rabab
Rabab