نزاع سويسري إسباني حول كنز سان خوسيه الغارق

نزاع سويسري إسباني حول كنز سان خوسيه الغارق

يعود الجدل من جديد حول كنز سان خوسيه الغارق، إحدى أكثر القضايا إثارة في التاريخ البحري الحديث، إذ تتصاعد النزاعات القانونية بين عدة دول وشركات خاصة حول ملكية السفينة الإسبانية الغارقة التي يُقدر كنزها بأكثر من 20 مليار دولار. السفينة “سان خوسيه جاليون” غرقت قبل أكثر من 317 عامًا في مياه كولومبيا خلال حرب الخلافة الإسبانية، وكانت محمّلة بعملات ذهبية وفضة وزمرد ومجوهرات نادرة. ومع العثور على حطامها في 2015، دخلت أطراف عدة في صراع قانوني معقد، شمل كولومبيا وإسبانيا وشركات أمريكية وسويسرية.
اليوم، تتجه الأنظار نحو النزاع الجديد بعد أن رفعت شركة سويسرية دعوى ضد كولومبيا أمام مركز التحكيم الدولي للاستثمار مطالبة بتعويضات، في ظل تمسك إسبانيا بحقها القانوني في السفينة باعتبارها “سفينة دولة” محمية بالحصانة السيادية. القضية باتت معركة قانونية واقتصادية بين أطراف متعددة على أغلى كنز بحري في التاريخ الحديث.

بداية قصة كنز سان خوسيه الغارق

تبدأ حكاية كنز سان خوسيه الغارق في عام 1708 عندما كانت السفينة الإسبانية “سان خوسيه جاليون” تُبحر ضمن أسطول لنقل الكنوز من المستعمرات الإسبانية في أمريكا الجنوبية إلى مدريد. كانت السفينة تحمل شحنة هائلة من الذهب والفضة والزمرد والمجوهرات، تُقدّر قيمتها الحالية بما يزيد عن 20 مليار دولار. خلال رحلتها، تعرضت لهجوم من الأسطول البريطاني أثناء حرب الخلافة الإسبانية، ما أدى إلى غرقها في أعماق البحر الكولومبي. ومنذ ذلك الحين، ظل موقعها لغزًا حتى أعلنت الحكومة الكولومبية اكتشافها رسميًا عام 2015، لتبدأ بعدها أطول النزاعات القانونية في تاريخ الكنوز البحرية.

قد يعجبك ايضا

تصاعد النزاع القانوني بين كولومبيا وسويسرا

اندلع النزاع بين كولومبيا وشركة سويسرية بعد أن منحتها الحكومة الكولومبية عام 2018 حق استخراج أجزاء من كنز سان خوسيه الغارق مقابل تبادل قطع غير مصنفة تراثيًا. لكن في عام 2020، صنف مجلس التراث الثقافي الكولومبي السفينة وحمولتها كتراث وطني لا يمكن التصرف به، مما أعاق عمل الشركة السويسرية. وردًا على ذلك، لجأت الشركة إلى التحكيم الدولي، مطالبة بتعويضات بموجب معاهدة استثمار ثنائية بين البلدين. هذا التحرك أشعل معركة قانونية جديدة أضافت طبقة أخرى من التعقيد إلى ملف الكنز البحري الأكثر إثارة في العالم.

الموقف الإسباني وحجج الحصانة السيادية

تستند إسبانيا في مطالبتها بـ كنز سان خوسيه الغارق إلى مبدأ “الحصانة السيادية” الذي يمنحها الحق في السفن الحربية التابعة لها حتى بعد غرقها. وتعتبر مدريد أن السفينة سان خوسيه جزء من تراثها الوطني ومحمية بموجب اتفاقيات اليونسكو الخاصة بالتراث الثقافي تحت الماء. وترى الحكومة الإسبانية أن السفينة ليست مجرد وسيلة نقل تجارية بل “قبر بحري” يجب احترامه وعدم استغلاله لأغراض تجارية. هذا الموقف يمنح إسبانيا تفوقًا قانونيًا في النزاع، خاصة في مواجهة الشركات الخاصة التي تسعى للربح من عمليات الإنقاذ.

الشركات الأمريكية ودورها في النزاع

إلى جانب النزاع الأوروبي، دخلت شركة أمريكية تُدعى “سي سيرش أرمادا” خط المواجهة بشأن كنز سان خوسيه الغارق، مدعية أنها حددت موقع السفينة لأول مرة عام 1981، وطالبت بنصف قيمة الكنز مقابل تسليم الإحداثيات للحكومة الكولومبية. ورغم نفي كولومبيا لذلك، استمرت الشركة في مساعيها القانونية مستندة إلى اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكولومبيا. وتقول الشركة إن عمليات الإنقاذ تحتاج إلى استثمار ضخم لا يمكن لأي حكومة تحمله وحدها، لذا يجب الاعتراف بحقوق المستثمرين في المشاركة في الكنز المكتشف.

 أبعاد اقتصادية وقانونية للكنز المفقود

تحولت قضية كنز سان خوسيه الغارق إلى واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في القانون الدولي، حيث تتقاطع فيها المصالح الوطنية والاقتصادية والثقافية. ويرى خبراء القانون أن النزاع يمثل اختبارًا حقيقيًا للاتفاقيات الدولية الخاصة بالتراث البحري، خاصة مع تزايد تدخل الشركات الخاصة التي تمتلك موارد مالية وتقنية ضخمة. وفي ظل مطالبة كولومبيا بحقها في السيادة، وإصرار إسبانيا على حماية إرثها، تبقى النهاية مفتوحة. القضية لا تتعلق فقط بالذهب المفقود، بل بالصراع بين حماية التاريخ والاستثمار في ثروات الأعماق.

الأسئلة الشائعة 

1. ما هو كنز سان خوسيه الغارق؟
هو كنز ضخم على متن السفينة الإسبانية “سان خوسيه جاليون” التي غرقت عام 1708 في المياه الكولومبية، وتُقدر قيمته بأكثر من 20 مليار دولار.

2. من يطالب بملكية الكنز؟
تطالب به كل من كولومبيا وإسبانيا وشركتان؛ إحداهما أمريكية والأخرى سويسرية، إضافة إلى شعوب أصلية من أمريكا اللاتينية.

3. ما سبب النزاع بين كولومبيا وسويسرا؟
النزاع نشأ بعد أن منعت كولومبيا الشركة السويسرية من تنفيذ اتفاق سابق للتنقيب، ما دفع الأخيرة لرفع دعوى تعويض أمام مركز التحكيم الدولي.

4. ما موقف إسبانيا القانوني من الكنز؟
إسبانيا تعتبر السفينة “سفينة دولة” تخضع للحصانة السيادية، وترى أنها جزء من تراثها الوطني المحمي باتفاقيات اليونسكو.

5. هل تم استخراج الكنز حتى الآن؟
لم يتم استخراج الكنز حتى الآن، وما زال النزاع القانوني مستمرًا لتحديد الجهة التي تمتلك الحق في إنقاذه أو استغلاله.

هل كان المحتوى مفيداً؟

شكرا لك
Rabab
Rabab