
توصل فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا إلى تطوير لقاح جديد يمنع عودة السرطان بعد التعافي، في إنجاز علمي قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في مكافحة المرض. اللقاح التجريبي، المسمى ELI-002 2P، أظهر فعالية ملحوظة في الوقاية من انتكاس السرطان، خاصة في حالات سرطان البنكرياس وسرطان القولون والمستقيم، وهما من أكثر أنواع السرطان صعوبة في العلاج. يعتمد اللقاح على استهداف الطفرات الجينية الشائعة، خصوصًا في جين Kras، وتحفيز الجهاز المناعي للتعرف على الخلايا السرطانية والقضاء عليها قبل أن تعاود النمو. ورغم أن الدراسة ما زالت في مراحلها المبكرة وشملت 25 مريضًا فقط، إلا أن النتائج أظهرت أن المرضى الذين استجابوا للقاح عاشوا فترة أطول دون عودة المرض، مما يمنح الأمل لملايين المرضى حول العالم في علاج أكثر فعالية ضد السرطان.
تفاصيل ابتكار اللقاح الجديد
اللقاح الجديد ELI-002 2P هو ثمرة أبحاث متقدمة في مجال العلاج المناعي للسرطان. تم تطويره لاستهداف الطفرات الموجودة في جين Kras، وهي طفرات تتسبب في إنتاج بروتينات معدلة تؤدي إلى نمو غير طبيعي للخلايا. هذه الطفرات شائعة للغاية بين مرضى سرطان البنكرياس وسرطان القولون والمستقيم. الفكرة الأساسية وراء اللقاح هي “تعليم” الجهاز المناعي التعرف على هذه البروتينات المعدلة، وبالتالي ملاحقة الخلايا السرطانية وقتلها قبل أن تتمكن من إعادة تكوين الورم. ويُعد هذا الأسلوب نقلة نوعية في مجال الوقاية من عودة السرطان، إذ يركز على منع الانتكاس بدلًا من الاكتفاء بعلاج الورم القائم.

الآيس كريم يوميًا.. صحي أم خطر في حرارة الصيف؟

فوائد المشي 20 ألف خطوة يوميًا وكيف تحقق هذا الهدف؟

فوائد ماء البامية مع الحلبة صباحًا لصحتك
آلية عمل اللقاح في محاربة السرطان
يعمل اللقاح عبر إدخال ببتيدات، وهي سلاسل من الأحماض الأمينية التي تُشكل اللبنات الأساسية للبروتينات، إلى الجسم. هذه الببتيدات تحاكي البروتينات المعدلة الناتجة عن الطفرات في جين Kras. عند إدخال هذه الببتيدات، يتعرف الجهاز المناعي عليها كأجسام غريبة، فيبدأ في إنتاج خلايا تائية قادرة على تعقب وتدمير أي خلايا تحمل نفس الطفرات في المستقبل. بهذه الطريقة، يصبح الجسم في حالة “تأهب” دائم لأي محاولة لعودة الخلايا السرطانية، وهو ما يفسر قدرة اللقاح على تقليل معدلات الانتكاس وتحسين فرص البقاء على قيد الحياة.
نتائج الدراسة السريرية المبكرة
أجريت الدراسة على 25 مريضًا خضعوا لجراحة لاستئصال أورام سرطانية في البنكرياس أو القولون والمستقيم. تم إعطاء اللقاح بعد العملية، ومتابعة المرضى لمدة قاربت 20 شهرًا. النتائج أظهرت أن 17 مريضًا أظهروا استجابة مناعية قوية، بينما كانت استجابة 8 مرضى أقل. الفئة التي استجابت بقوة للقاح عاشت فترة أطول دون عودة السرطان مقارنة بالفئة الأخرى، كما كان معدل الوفيات في هذه المجموعة أقل بشكل ملحوظ. ورغم أن حجم العينة صغير وأن الدراسة لم تتضمن مجموعة ضابطة، إلا أن المؤشرات الإيجابية تجعل هذا اللقاح واعدًا للغاية في المستقبل.
التحديات والقيود في البحث الحالي
على الرغم من النتائج المشجعة، لا تزال هناك تحديات أمام تعميم هذا اللقاح. أولًا، الدراسة في مرحلة مبكرة وتهدف أساسًا لتقييم السلامة، ما يعني أن هناك حاجة لمزيد من التجارب السريرية على نطاق واسع للتأكد من فعاليته. ثانيًا، اللقاح يستهدف طفرات محددة في جين Kras، ما قد يجعله غير فعال لبعض أنواع السرطان الأخرى أو لبعض المرضى الذين لا يمتلكون هذه الطفرات. كما أن تكاليف الإنتاج والاختبارات المستقبلية قد تمثل عائقًا أمام انتشاره السريع، خصوصًا في الدول ذات الموارد المحدودة.
آراء الخبراء حول مستقبل اللقاح
عدد من المتخصصين في مجال علاج السرطان أشادوا بالنتائج، مؤكدين أن اللقاح قد يشكل إضافة قوية للعلاجات المناعية الحالية. بعض الخبراء أشاروا إلى إمكانية دمج ELI-002 2P مع تقنيات لقاحات أخرى مثل لقاحات mRNA التي يمكن تصميمها لتناسب الطفرات الفردية لكل مريض. كما أشاروا إلى أن هذه الاستراتيجية قد تساعد في توسيع نطاق المرضى المستفيدين، وتقديم حل طويل الأمد للوقاية من عودة السرطان. ويرى البعض أن هذه الخطوة تمثل بداية تحول كبير في طريقة تعامل الأطباء مع السرطان، من مجرد علاج الأورام إلى منعها من العودة أصلًا.
مستقبل لقاحات السرطان عالميًا
تعد لقاحات السرطان من أكثر مجالات الأبحاث الطبية نشاطًا في السنوات الأخيرة، حيث تسعى فرق بحثية حول العالم لتطوير لقاحات تستهدف أنواعًا مختلفة من السرطان. إذا أثبت لقاح ELI-002 2P فعاليته في التجارب الموسعة، فقد يصبح جزءًا من بروتوكولات العلاج القياسية لمرضى البنكرياس والقولون والمستقيم، وربما لأنواع أخرى من السرطان التي تشترك في نفس الطفرات. النجاح في هذا المجال قد يقلل من معدلات الانتكاس، ويحسن جودة حياة المرضى، ويخفض التكاليف الصحية على المدى البعيد، ما يجعله هدفًا استراتيجيًا في الحرب العالمية ضد السرطان.