مقدمة عن سيدنا نوح
سيدنا نوح عليه السلام واحد من أعظم الأنبياء اللي ربنا اصطفاهم علشان يهدوا البشر. قصته ما هيش مجرد حكاية قديمة، لكن درس مليان معاني عن الصبر، والإيمان، واليقين في ربنا. نوح عاش في زمن كان فيه الناس غرقانين في عبادة الأصنام. الأصنام دي كانوا بيعملوها بإيديهم من خشب أو حجر وبعدين يسجدوا لها ويطلبوا منها الرزق والحماية. وللأسف، الأغنياء والزعماء كانوا بيستغلوا الموضوع ده علشان يسيطروا على الناس البسيطة، ويخلّوهم يصدقوا إن الآلهة دي قادرة تدافع عنهم وتحقق لهم الأمن. في وسط الجو ده، نوح كان إنسان مؤمن بالله، رافض للباطل، شايف إن القلوب اتغطت بالغشاوة. ومن هنا جه أمر ربنا ليه: “يا نوح، قومك محتاجين دعوة للحق، روح وبلّغهم”.
ظل العاشق
الحاسة السادسة (الجزء الثاني ولأخير)
واقع أمر من الخيال للكاتبة: سمر أحمد
بداية دعوة نوح ما كانتش سهلة. كان عارف إنه واقف قدام مجتمع متشبّع بالأصنام والتقاليد القديمة، ومش سهل يتخلوا عنها. لكنه بدأ بالكلمة الطيبة، بالكلام اللي يلمس القلوب: “يا قوم، اعبدوا الله وحده، مالكم من إله غيره”. الرسالة واضحة، ما فيهاش لف ولا دوران، لكن العقول المتحجرة مش بتقتنع بسهولة. ورغم كده، نوح قرر يمشي في الطريق ده للنهاية.
طول مدة الدعوة وصبر نوح
نوح عاش عمر طويل جدًا في الدعوة: تسعمية وخمسين سنة. يعني تقريبًا عشرة قرون كاملة وهو بيكرّر نفس الرسالة، من غير ما يزهق ولا يمل. الصبح يكلمهم، بالليل يروح لهم، يجمع الناس في السوق، يدخل على البيوت، يهمس في ودن الغني، يشجع الفقير، ويفضّل يشرح ويعيد. وكان يقول: “يا قوم، ما أسألكم عليه من أجر، إن أجري إلا على الله”. يعني ما كانش عايز منهم لا فلوس ولا منصب، بس الإيمان.
لكن الاستجابة كانت قليلة جدًا. الأغلبية كانوا يضحكوا عليه ويسخروا منه. بعضهم كان يحط أصابعه في ودنه علشان ما يسمعوش كلامه، وبعضهم كان يغطّي وشه بتيابه علشان يتجاهلوه. كان منظر مؤلم، نبي بيحاول يخلّصهم من الهلاك وهما مصرّين على العناد. ومع مرور السنين، كل جيل ييجي يتوارث العناد من اللي قبله. ومع ذلك، نوح فضّل واقف زي الجبل، عنده يقين إن ربنا شايف ومطلع وهيجازيه على صبره.
تخيّل واحد يعيش قرون وما يشوفش نتيجة حقيقية غير قلة قليلة من المؤمنين! أي حد تاني كان ينهار، لكن نوح ما انهارش. بالعكس، كان يزداد إصرار كل ما لقى رفض أكتر. كان شايف إن مهمته مش إقناع الكل، لكن تبليغ الرسالة. والباقي بيد ربنا.
رفض القوم وإيذاؤهم
قوم نوح ما اكتفوش بالرفض، لكن بدأوا يهاجموه. الأغنياء كانوا يقولوا: “إحنا أحسن منك، ليه نمشي وراك؟”. وكانوا يستدلوا إن اللي تبعه ناس ضعاف وفقراء: “أنؤمن لك واتبعك الأرذلون؟”. يعني كانوا شايفين إن الفقراء اللي آمنوا بيه عيب وعار، وإن الحق لازم يتقاس بالفلوس والمكانة. الرد ده كان بيجرح، لكن نوح ما اهتمش، وقال لهم: “وما أنا بطارد الذين آمنوا، إنهم ملاقوا ربهم”.
كمان كانوا يسخروا من كلامه عن العذاب. يقولوا: “يا نوح، لو ربك صادق، نزّل علينا العذاب اللي بتوعدنا بيه”. الاستهزاء ده كان تحدّي صريح. وكانوا ساعات يجتمعوا حواليه علشان يضحكوا على كلامه. وبعضهم كان يرفع صوته بالسب والإهانة. رغم كل ده، ما فقدش أعصابه، وما انفعلش، لكن كان يرد بالهدوء: “إني أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا”.
الإيذاء النفسي ده استمر سنين طويلة، ومع ذلك، نوح ما قالش يوم “كفاية”. بالعكس، كل ما زاد الأذى، زاد يقينه إن الحق لازم يتقال.
بداية الأمل وبناء السفينة
بعد مرور القرون والناس لسه على عنادهم، ربنا أوحى لنوح إن خلاص، مش هيؤمن غير اللي آمن بالفعل. والباقي مفيش أمل فيهم. ساعتها، ربنا أمره يبني سفينة ضخمة، تبقى وسيلة النجاة للمؤمنين. بناء السفينة كان في مكان ما فيهوش بحر. المشهد نفسه كان غريب. الناس تشوف نوح يجمع خشب ويشتغل في بناء حاجة ضخمة ويضحكوا: “إيه اللي بتعمله يا نوح؟ سفينة في الصحرا!”. كانوا يضحكوا ويسخروا وكأنهم شايفين إن نوح فقد عقله.
لكن نوح كان مطمئن إن اللي بيعمله وحي من ربنا. يوم ورا يوم، يشتغل ويجمع الأخشاب ويركبها، يطرق المسامير، يضبط الألواح. الناس كل شوية تعدي وتضحك وتقول كلام جارح. لكن هو ما اهتمش بيهم. كان عارف إن الوقت قرب، وإن العذاب جاي.
السفينة كبرت واتجهزت، مش بس لنوح والمؤمنين، لكن كمان علشان تستوعب الحيوانات والطيور. لأن الحياة بعد الطوفان كانت محتاجة بداية جديدة. كان كل تفصيلة في السفينة بإلهام من ربنا، علشان تقدر تواجه الطوفان اللي جاي.
نزول أمر الطوفان
لما نوح خلّص بناء السفينة، جه الوعد اللي مستناه. ربنا أوحى له إن ساعة العذاب قربت، وإن الطوفان الجارف اللي هيغطي الأرض كلها خلاص على الأبواب. العلامة كانت واضحة: “فإذا فار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين”. يعني لما يشوف الميّة طالعة من التنور اللي في البيت، يعرف إن الإشارة وصلت. وفجأة، الأرض كلها بدأت تتفجر عيون ميّة من تحت، والسما اتفتحت بمطر ما شافوش بشر قبل كده. الميّة كانت بتنزل وتطلع في نفس الوقت، كأن الأرض والسما اتفقوا يغرقوا الناس اللي كذّبوا.
المشهد كان رهيب. البيوت بتغرق، الطرق بتتحول لأنهر، الأصوات كلها صرخات واستغاثة. الأغنياء اللي كانوا متكبرين، والفقراء اللي رفضوا الدعوة، الكل اتساوى قدام الطوفان. مافيش حد نفعه ماله، ولا سلطانه، ولا قبيلته. واللي كانوا بيتحدوا نوح ويقولوا “هات العذاب”، شافوا العذاب بعنيهم. لكن ساعتها، ما كانش فيه رجوع ولا فرصة للتوبة. ربنا قالها صريحة: “ولا يخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون”.
ركوب السفينة
نوح نادى المؤمنين القليلين اللي آمنوا معاه، ودخلوا السفينة. كان معاهم كمان أزواج من الحيوانات والطيور، علشان الحياة تبدأ من جديد بعد ما الطوفان ينتهي. تخيّل السفينة الكبيرة دي وهي مليانة أصوات: مؤمنين بيرددوا الدعاء، وأصوات حيوانات مختلفة، وصوت الميّة اللي بتغمر كل حاجة حواليهم. ومع إن الموقف مرعب، السفينة كانت ماشية بأمر الله، محمية من الغرق. نوح كان واقف زي القبطان، يوجّههم ويطمنهم إن ربنا مش هيسيبهُم.
في الوقت ده، كان فيه مشهد إنساني صعب جدًا: نوح يشوف ابنه اللي ما آمنش واقف بعيد بيحاول يتسلق جبل. نوح ناداه بكل حنان: “يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين”. لكن الرد جه مؤلم: “سآوي إلى جبل يعصمني من الماء”. ابنه كان فاكر إن الجبل العالي ممكن يحميه من الطوفان. لكن نوح رد بسرعة: “لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم”. وما لحقش الكلام يخلص، إلا وجت موجة عالية زي الجبل، فصلت بينهم وغرقت الولد. اللحظة دي علمت البشرية إن النسب ما ينفعش، الإيمان هو اللي ينفع.
استمرار الطوفان
الطوفان استمر أربعين يوم وأربعين ليلة. الميّة غطّت كل مكان، حتى الجبال العالية. السفينة كانت بتتمرجح بين الأمواج اللي عاملة زي السلاسل الجبلية. ومع ذلك، ما غرقتش ولا اتشقّت، لأنها كانت ماشية “بأعين الله ووحيه”. المؤمنين جوه كانوا حاسين إنهم في حضن الأمان، رغم إن برا كان فيه دمار شامل. المشهد ده بيفكرنا إن الإيمان هو السفينة الحقيقية اللي بتنجي من أي كارثة.
الناس اللي برّا السفينة كانوا بيجربوا كل الطرق علشان ينجوا. بعضهم حاول يسبح، بعضهم لجأ لأشجار أو صخور عالية، لكن الموج كان بياكل كل حاجة. الطوفان كان مش بس مية، ده كان قرار إلهي بمحو صفحة كاملة من الفساد. ولما ربنا يقرر، مافيش قوة في الدنيا تقدر توقف أمره.
رسوّ السفينة
بعد ما الأيام عدّت، وربنا قضى الأمر، أمر الأرض تبلع ميّتها والسما توقف مطرها. الميّة ابتدت تنقص تدريجيًا، والسفينة رست في أمان على جبل اسمه “الجودي”. المؤمنين نزلوا من السفينة بعد رحلة طويلة مليانة خوف وإيمان. أول ما رجعوا يشوفوا الأرض، كانت متغيرة، مليانة طمي، مليانة آثار غرق، لكن كمان مليانة أمل جديد.
نوح وقتها سجد لربه، شكر ربنا على النجاة، وقال بدعاء مذكور في القرآن: “رب أنزلني منزلاً مباركًا وأنت خير المنزلين”. الدعاء ده كان إعلان بداية عهد جديد للبشرية. كل اللي نجوا كانوا قليلين جدًا، لكنهم كانوا النواة اللي هتكمل البشرية من بعد الطوفان.
بداية الحياة من جديد
بعد ما خرجوا من السفينة، بدأ المؤمنين يعيدوا ترتيب حياتهم. الأرض كانت محتاجة زراعة من جديد، الحيوانات بدأت تتكاثر، والطيور تطير في السما. كان المشهد أشبه ببداية جديدة، كأن الدنيا اتغسلت واتطهرت ورجعت صفحة بيضا. نوح قاد الناس في المرحلة دي، علشان يزرعوا في قلوبهم الإيمان قبل ما يزرعوا في الأرض البذور.
ربنا بارك في ذرية نوح، ومنه بدأ نسل البشر اللي جه بعد كده. العلماء بيقولوا إن نوح هو “أب البشرية الثاني”، لأن كل الناس اللي جُم بعد الطوفان بيرجعوا في نسبهم ليه. وده معناه إن ربنا ادّى البشرية فرصة تانية تبني نفسها من جديد، بعد ما كانت قريبة من الفناء.
مصير الكافرين
قوم نوح اللي عاندوا ورفضوا الرسالة، كلهم هلكوا في الطوفان. النهاية دي ما كانتش مجرد موت، لكنها كانت عدل إلهي. ربنا أعطاهم قرون كاملة للتوبة، ومع ذلك، أصروا على الكفر والفساد. ولما جه وقت الحساب، اتساوى الكبير مع الصغير، الغني مع الفقير. الكل غرق في نفس الميّة، وأصبحوا ذكرى محزنة للعناد البشري.
القرآن ذكر النهاية دي علشان تكون “آية للعالمين”. يعني مش مجرد قصة تتقال، لكن عبرة لكل واحد يفتكر إن قوته أو ماله أو مكانته ممكن تحميه من عذاب الله. النهاية بتقول: “فكذّبوه فأنجيناه ومن معه في الفلك، وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قومًا عمين”.
لاكمال القصه اضغط على الزر الازرق بالشمال للذهاب للصفحة التانيه